قَصِيدَةُ : «وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي»

لِلإِمَامِ : مُحَمَّدٌ ابْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ

(150-204هـ / 767-820م)


وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبِي

جَعَلْتُ الرَّجَا مِنِّي لِعَفوِكَ سُلَّمَا

تَعَاظَمَنِي ذَنْبِي فَلَمَّا قَرَنْتُهُ

بِعَفْوِكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا

فَمَا زِلْتَ ذَا عَفْوٍ عَنِ الذَّنْبِ لَمْ تَزَلْ

تَجُودُ وَتَعْفُو مِنَّةً وَتَكَرُّمَا

فَلَوْلَاكَ لَمْ يَصْمُدْ لِإِبْلِيسَ عَابِدٌ

فَكَيْفَ وَقَدْ أَغْوَى صَفِيَّكَ آدَمَا

فَلِلَّهِ دَرُّ العَارِفِ النَّدْبِ إِنَّهُ

تَفِيضُ لِفَرْطِ الوَجْدِ أَجْفَانُهُ دَمَا

يُقِيمُ إِذَا مَا اللَّيْلُ مَدَّ ظَلَامَهُ

عَلَى نَفْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الخَوْفِ مَأْتَمَا

فَصِيحًا إِذَا مَا كَانَ فِي ذِكْرِ رَبِّهِ

وَفِي مَا سِوَاهُ فِي الوَرَى كَانَ أَعْجَمَا

وَيَذكُرُ أَيَّامًا مَضَتْ مِنْ شَبَابِهِ

وَمَا كَانَ فِيهَا بِالجَهَالَةِ أَجْرَمَا

فَصَارَ قَرِينَ الهَمِّ طُولَ نَهَارِهِ

أَخَا الشُهْدِ وَالنَّجْوَى إِذَا اللَّيْلُ أَظْلَمَا

يَقُولُ حَبِيبِي أَنْتَ سُؤْلِي وَبُغْيَتِي

كَفَى بِكَ لِلرَّاجِينَ سُؤْلاً وَمَغْنَمَا

أَلَسْتَ الَّذِّي غَذَّيْتَنِي وَهَدَيْتَنِي

وَلَا زِلْتَ مَنَّاناً عَلَيَّ وَمُنْعِمَا

عَسَى مَنْ لَهُ الإِحْسَانُ يَغْفِرُ زَلَّتِي

وَيَسْتُرُ أَوْزَارِي وَمَا قَدْ تَقَدَّمَا


Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url